مَن منا لم يتعرض خلال حياته إلى مواقف مستفزة أو مؤلمة مؤججة لنار الغضب ومثيرة للأعصاب وداعية للانفعال الشديد؟.. مَن منا لم يستشط غضبًا ولم تنفلت أعصابه ذات مرة لسبب أو لآخر، فصدرت عنه بعض التصرفات أو الألفاظ غير اللائقة وغير المعتادة والتي تثير حفيظة من حوله وقت الإنفعال وتؤذي مشاعرهم، وربما دفعتهم إلى مقابلة الإنفعال بإنفعال أشد فازداد الأمر تعقيدًا وحدث ما لا يحمد عقباه؟..
كلنا يواجه أمورًا مزعجة ومؤرقة وباعثة على الغضب والتوتر وذلك بسبب كثرة ضغوط وأعباء الحياة ولكن كيف لنا أن نتحكم في إنفعالاتنا ونضبط أعصابنا ونملك أنفسنا عند الغضب بحيث لا نضر أنفسنا ولا نؤذي من يحيطون بنا؟..
بدايةً علينا أن ندرك أن أحدًا من البشر لا يولد إنفعاليا بفطرته، وإنما هذه صفة مذمومة وعيب خطير يرتبط بعيوب أخرى لدى الإنسان العصبي ومن بينها: التسلط والغطرسة وعدم الإكتراث بآراء الآخرين وعدم تقدير مشاعرهم، ومثل هذه العيوب -إذا لم يتم علاجها والتخلص منها- صارت العصبية الزائدة الناجمة عنها مرضًا يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا لعلاجه لو كان لهذا الشخص رغبة في العلاج أصلا!..
هناك بعض الخطوات العملية التي تساعدك بشكل كبير على تجنب الإصابة بالإنفعال والعصبية الزائدة ومنها:
1) كثرة الدعاء والتضرع إلى الله: بأن يبعد عنك الإنفعال والغضب كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقال لها: «يا عويش، قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن».
2) الوضوء: ففي حال شعورك بالغضب والإنفعال سارع بالوضوء لأن الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، ولا يطفئ النار إلا الماء.
3) الصلاة: فهي علاج لضيق الصدر وذهاب الهم، وهدوء البال وإطمئنان النفس وراحة القلب، قال تعالى: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون*فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين*واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} [الحجر:97-99].
4) محاولة البعد عن مواطن الغضب والإنفعال وتفادي أسبابه بقدر الإمكان.
5) معرفة آثار الغضب وتذكر ثواب الصبر وكظم الغيظ: قال تعالى واصفًا الأخيار: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين} [آل عمران:134]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور ما شاء»، رواه أبو داود والترمذي.
6) كثرة الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والمداومة على ذكر الله والإستغفار.
7) حاول ضبط نفسك والتحلي بالهدوء والتأني في مناقشة أو معالجة الأمور فهي الطريق الأمثل لنيل وتحقيق ما تتمنى ممن حولك.
وأخيرًا.. علينا أن نعلم أن الإنفعال والغضب الشديد من مداخل الشيطان، الذي يريد أن ننتصر لأنفسنا وليس للحق، وأن نضل الطريق ولا نهتدي أبدا!.. ولنتذكر نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الصحابي، وقال له: يا رسول الله أوصني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وصية جامعة: «لا تغضب»، ثم قال له مرة ثانية: أوصني يا رسول الله فقال له: «لا تغضب»، وهذا دليل على أن الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب هو الإنسان القوي في نفسه، والقوي في شخصيته، والقوي في بدنه، وهذا ما أكده أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع رسالة المرأة.